حسن محمد الزبن
في الوقتِ الذي يقرُ فيهِ " جو بايدنْ " الرئيسِ الأمريكيِ أنْ تخوضَ البارجاتُ العسكريةُ وحاملاتُ الطائراتِ والغواصاتِ عبابَ البحارِ باتجاهِ الشرقِ الأوسطِ لنصرةِ دولةِ " إسرائيلَ " الكيانُ صهيونيٌ المدللِ ، الذي تراهُ الشعوبُ العربيةُ الحرةُ أنهُ كيان مسخٌ منبوذٌ لا يمكنُ التوافقُ معهُ بأيَ شكلِ منْ الأشكالِ بسببِ مسلسلاتِ الاضطهادِ ضدَ العربِ في فلسطينَ ، والتدخلاتُ غيرُ المبررةِ في الشؤونِ العربيةِ ، ولا تحملُ في ثناياها إلا الخبثُ والمكرُ ، وأطماعَ الدولةِ اليهوديةِ منذُ زرعها في الجسمِ العربيِ ، ولا يفاجئنا زعيمُ أمريكا العظمى حين يكتبُ على منصةٍ ( إكسْ ) ، في منشورِ لهُ يومُ الأحدِ الموافقِ 15 / 10 / 2023 م ، أنهُ تحدثَ إلى رئيسِ السلطةِ الفلسطينيةِ محمودْ عباسْ بخصوصِ المساعداتِ الإنسانيةِ لقطاعِ غزةَ ، وأنهُ يعملُ معَ الشركاءِ في المنطقةِ لضمانِ وصولِ الإمداداتِ الإنسانيةِ إلى المدنيينَ في غزةَ ؛ فالموقفُ والمنشورُ بحدِ ذاتهِ بشكلهِ وهدفهِ لا ينسجمُ معَ الوعيِ العربيِ الذي تعرتْ أمامهُ الإدارةُ الأمريكيةُ ، ولا يجدُ ما ذهبَ إليهِ الخبرُ إلا أنهُ متناقضٌ ولا يتوافقُ معَ فكرةِ أنْ يتلقى الضحيةَ الدواءَ والغذاءَ والوقودَ ، أوْ أيِ مساعداتٍ إنسانيةٍ ممنْ يساندُ قاتلهُ ومنْ يسعى لإبادتهِ على الأرضِ .
وفي الوقتِ الذي تنصبُ وتعينُ إيران أهدافها نحوَ تلِ أبيبَ لنصرةِ المقاومةِ ، وهذا طبعا غيرَ حقيقيٍ ، لدولةٍ تقيمُ علاقاتٍ دبلوماسيةً في الخفاءِ معَ تلِ أبيبَ منذُ عقودٍ ، ويكشفَ ذلكَ تراجعها بتصريحٍ موثقٍ عنْ وكالةِ رويتر لبعثةِ إيران في الأممِ المتحدةِ ، بأنَ القواتِ المسلحةَ الإيرانيةَ لنْ تشتبكَ معَ إسرائيلَ شريطةَ ألا تغامرَ بمهاجمةِ إيران ومصالحها ومواطنيها ، وأستهجنُ منْ بعضِ الأصواتِ والمسؤولينَ في العالمِ العربيِ التي تناشدُ وتدعو لتدخلِ إيران في نصرةِ المقاومةِ .
وفي الوقتِ الذي كان لا يزالُ أكثرَ منْ 1000 شخصٍ مفقودٍ تحتَ الأنقاضِ وردمِ المباني التي دمرها العدوانُ الإسرائيليُ في القطاعِ ، لا يزالُ القصفُ مستمرا ، ولا يزالُ الترانسفيرْ قائما حتى آخرٍ مواطنِ غزيْ ، بدليلِ أنَ ما يقاربُ 650 ألفا تمَ تهجيرهمْ إلى جانبٍ آخرَ منْ القطاعِ ، بسببَ فوبيا شنِ الهجومِ البريِ والعدوانِ الشاملِ على أرضِ القطاعِ المؤجلِ بسببِ عدمِ الثقةِ بقدراتِ الجنديِ الإسرائيليِ ، وتخوفَ إسرائيلَ وجنرالاتها منْ مصيدةِ أرضٍ لا يعرفونَ ما تخبئهُ لهمْ ، لقلةِ المعلوماتِ الاستخباريةِ عنْ المنطقةِ ، وانحدارَ المعنوياتِ لدى أفرادِ الجيشِ ، فأحيانا يقولونَ إنهُ تكتيكٌ عسكريٌ ، وهذا مضحكٌ طبعا ، وأحيانا وحسبَ صحيفةِ نيويورك تايمزْ الأمريكيةِ عنْ ضباطِ الاحتلالِ تأجيلَ الاجتياحِ البريِ لقطاعِ غزةَ " لأسبابٍ تخصُ الطقسَ " وهذهِ كذبةٌ أخرى ، فقدْ انجلتْ الغيومُ وكانَ ممكنا للطيرانِ أنْ يدعمَ القواتِ البريةَ بالمعلوماتِ منْ الجوِ عنْ أرضِ المعركةِ ، وأنْ يوفرَ الغطاءُ الجويُ للقواتِ الأرضيةِ للمباشرةِ بالهجومِ البريِ المقررِ والمؤجلِ مؤقتا للسيطرةِ على القطاعِ الذي أولِ أهدافهِ اغتيالَ قادةِ حماسَ وتصفيةِ المقاومةِ وإشهارِ الحدثِ على المحافلِ الدوليةِ بالصورةِ والصوتِ للمجزرةِ والإبادةِ الجماعيةِ المخططِ لها بكلِ قبحٍ.
لكنَ كلها حججٌ واهيةٌ ؛ فالجيشُ الذي لا يقهرُ كانَ ينتظرُ الإمدادُ البشريُ منْ الجنودِ الأمريكانِ بديلاً عنْ الجنديِ الإسرائيليِ المنهارِ نفسيا ويعاني منْ اضطراباتٍ لا تؤهلهُ مواجهةُ المقاومةِ ، وينتظرَ وصولُ باقي الإمداداتِ والآلياتِ العسكريةِ الأمريكيةِ والعتادِ والقنابلِ والصواريخِ اللازمةِ لاجتياحِ قطاعِ غزةَ .
وفي الوقتِ الذي وقعَ فيهِ نتنياهو على الحربِ لا يزالُ يتعرضُ للشتائمِ آخرها وليسَ آخرها منْ ضابطِ احتياطٍ خلالَ زيارتهِ لقاعدةَ عسكريةً تابعةً لجيشِ الاحتلالِ ما دفعهُ للتخلي عنْ خطابهِ المقررِ أمامَ الجنودِ ، لتقديمِ تقييمٍ للوضعِ الأمنيِ في ظلِ التصعيدِ معَ حماسَ في قطاعِ غزةَ ، وأضيفَ في الوقتِ الذي تمَ فيهِ استدعاءُ 360 ألفِ جنديِ احتياطٍ للجيشِ الإسرائيليِ ، إلا أنَ يائيرْ البالغَ منْ العمرِ 32 عاما ، ابنُ رئيسِ وزراءَ إسرائيلَ بنيامينْ نتنياهو ، قررَ أنَ لا يلبي نداءَ دولتهِ التي يتزعمها والدهُ ، ليبقى بعيدا في محلِ إقامتهِ في فلوريدا مما أثارَ حفيظةَ عناصرِ الجيشِ الإسرائيليِ وعبروا عنْ سخطهمْ وتذمرهمْ حيالَ هذا الأمرِ .
وفي الوقتِ الذي يعذبُ فيهِ الأسرى في سجونِ الاحتلالِ تتعاملُ المقاومةُ معَ أسرى الحربِ منْ الجانبِ الإسرائيليِ حصيلةَ طوفانِ الأقصى بأفضلِ رعايةٍ وأحسنَ معاملةً معَ توفيرِ العلاجِ والطعامِ والشرابِ والدواءِ ؛ فلا تعذيب ولا امتهان لكرامةِ لأيِ منهمْ بدليلِ روايةِ الأسيرةِ " يوشيفيدْ ليفشيتزْ " البالغةَ منْ العمرِ 85 عاما التي تمَ إطلاقُ سراحها وزميلتها مؤخرا أمامَ الكاميراتِ وعبرتْ بتصريحاتها عنْ لطفِ رجالِ المقاومةِ في حماسَ واهتمامهمْ باحتياجاتِ الرهائنِ حسبَ وصفها .
وفي الوقتِ الذي تنادي فيهِ أصواتُ الإنسانيةِ لتوفيرِ الحمايةِ الكاملةِ للسكانِ في قطاعِ غزةَ وعدمِ قتلِ المدنيينَ والحفاظُ على أرواحهمْ وفتحِ ممراتٍ إنسانيةٍ لإيصالِ المساعداتِ الطبيةِ والإغاثيةِ للقطاعِ والوقفِ الفوريِ لجميعِ أشكالِ التصعيدِ ، يصرَ الجانبُ الإسرائيليُ على عدوانهِ الغاشمِ ويضربُ مستشفى الأهليِ العربيِ " المعمدانيِ " في قطاعِ غزةَ ويسفرُ عنْ عدوانهِ استشهادَ أكثرَ منْ 500 منْ المدنيينَ أغلبهمْ منْ الأطفالِ وقدْ أثبتتْ التقاريرُ الصحفيةُ أنهُ تمَ استخدامُ قنبلةٍ mk - 84 بوزنِ 2000 رطلٍ ( 910 كغمَ ) مجهزةً بـ JDAM ، ذخائر الهجومِ المباشرِ المشتركِ، ومعَ ميزة هذهِ التجهيزاتِ تتحولُ القنبلةُ إلى ذخيرةِ دقيقةٍ موجهةٍ ، ويمكنَ أنْ تكونَ قنبلةٌ خارقةٌ للتحصيناتِ منْ طرازٍ ( BLU - 109 )، وهيَ صناعةٌ أمريكيةٌ وجزء من المخزونِ الإسرائيليِ في مستودعاتهِ العسكريةِ .
وفي نفسِ الوقتِ الذي يفقدُ القطاعُ منْ هذهِ المجزرةِ البشعةِ هذا العددَ المفجعِ والمبكي نجدُ الأمريكيُ المشاركُ في العملياتِ ضدَ غزةَ يشاركُ أيامَ الحدادِ الثلاثةِ التي أعلنها الأردنُ بتنكيسِ العلمِ لينكسَ إعلامَ السفارةِ الأمريكيةِ في العاصمةِ عمانَ 3 أيام ويقولُ " بايدنْ " بكلِ استخفافٍ بمشاعرِ العربِ نشعرُ ببالغِ الأسى والحزنِ على المرضى والكادرِ الطبيِ وغيرهمْ منْ المدنيينَ الأبرياءِ الذينَ قتلوا أوْ جرحوا في هذهِ المأساةِ .
وآخرُ خيباتِ الجيشِ الإسرائيليِ وحكومةُ الاحتلالِ توزيع منشورٍ على أهلِ غزةَ يقولُ فيهِ بلغةٍ مكسرةٍ وضعيفةٍ : " إنَ كنتمْ تريدونَ مستقبلاً أفضلَ لكمْ ولأولادكمْ افعلوا الخيرَ وأرسلوا لنا معلوماتٌ ثابتةٌ ومفيدةٌ تخصُ المخطوفينَ في منطقتكمْ وسوفَ يوعدكمْ جيشُ الدفاعِ الإسرائيليِ بأنهُ يعملُ الجهدُ الكاملُ كيْ يحافظَ على أمنكمْ وسلامةِ بيوتكمْ وكذلكَ مكافأةٌ ماليةٌ . وبالخطِ الأحمرِ منْ المنشورِ عبارةً ( نضمنُ لكمْ السريةُ التامةُ ) ، والتوقيعُ : وسائل الإعلامِ ومدونٍ أرقامها لتلفونِ والغرامِ وواتٍ للتواصلِ .
إنَ هذا الاحتلالِ يتخبطُ ويعتقدُ واهمٌ أنهُ يمكنُ أنْ يخترقَ المقاومةَ والشعبَ الغزيْ بعدَ كلِ هذا التنكيلِ والبشاعةِ في المجازرِ التي ارتكبها بحقهمْ . حتى أنَ أكبرَ شركتينِ عالميتينِ وعملاقتين في المجالِ التكنولوجيا وهما " غوغلْ " و " آبلْ " قامتْ بتعطيلِ بعضِ الميزاتِ في تطبيقاتِ رسمِ الخرائطِ الخاصةِ بهما في الأراضي الفلسطينيةِ المحتلةِ وقطاعِ غزةَ قبلَ موعدِ غزوِ الجيشِ البريِ المتوقعِ في القطاعِ المحاصرِ بناءً على طلبِ جيشِ الاحتلالِ الإسرائيليِ تداركا لعدمِ كشفِ تحركاتِ قواتِ الاحتلالِ الإسرائيليةِ منْ معطياتِ المعلوماتِ لحركةِ المرورِ الحيةِ بإزالةِ بياناتِ الازدحامِ " في الوقتِ الفعليِ " في " إسرائيلَ " و " غزةَ " .
أخيرا العالمُ كلهُ عربهُ وعجمهُ ، وبلادَ الغربِ معا ستتفرجُ على جبهةٍ واحدةٍ ضدَ قطاعِ غزةَ – الهدفُ والأرضُ المحرقةُ - وفي الجانبِ الآخرِ الجيشَ الإسرائيليَ والآلةَ العسكريةَ العظمى بوجودِ الدعمِ الأمريكيِ والبريطانيِ والفرنسيِ والألمانيِ ومنْ باركَ الخطةَ العسكريةَ لاجتياحِ قطاعِ غزةَ علنا أوْ سرا وبالتأكيدِ لا مشاركةً لإيران ، ولنْ تتدخلَ أذرعها في الحربِ أبدا .
ستخوضُ المقاومةُ الحربُ لوحدها وعليها أنْ تعلمَ ذلكَ منْ الآنِ ، فإما أنْ تنتصرَ وتعيشُ وتحتفلُ بالنصرِ وإلحاق الهزيمة في إسرائيل وإسقاطها هيَ وأهدافها وأطماعها ومعها تهوي وتسقطُ الأحلامُ التوراتيةُ المزيفةُ ، ويخيبَ مخططُ كلِ البيادقِ وكلِ الغيلانِ التي راهنتْ على سحقِ المقاومةِ وتدميرِ غزةَ عنْ الوجودِ .
فالحربُ على غزةَ مفتوحةً برا وبحرا وجوا منْ دولِ عظمى تساندُ الكيانَ الصهيونيَ ، لقدْ توحدُ الغيلانُ لمؤامرةِ إبادةِ الشعبِ الأعزلِ في القطاعِ بعيدا عنْ كلِ القيمِ الأخلاقيةِ والمبادئِ الإنسانيةِ للحياةِ ، طبعا وتجاهلٍ سافرٍ للشعبِ العربيِ والإسلاميِ بأكملهِ انتصارا للمسخِ الإسرائيليِ الذي لهُ كلِ الدعمِ الدوليِ بأنْ يحرقَ ويقتلُ ويأخذُ ويمنعُ ويدمرُ بكلِ ما يملكُ منْ آلةِ الحربِ القذرةِ ، دونُ رقيبٌ أوْ حسيبٍ ، أوْ حتى إدانةٍ أوْ محاكمةٍ دوليةٍ لأفعالهِ الخسيسةِ الغاشمةِ والعدوانيةِ على امتدادِ سبعةِ عقودٍ مضتْ .
والأحداثُ تتولى فقدْ سقطتْ أقنعةَ الدولِ الكبرى الراعيةِ للسلامِ العالميِ بالقولِ فقطْ ، وستسقطُ أقنعةُ عددِ دولٍ أخرى منْ العالمِ هيَ في موقفها منْ موقفِ الدولِ العظمى التي تنادي بحقوقِ الإنسانِ ، ولكنْ الآنِ أصبحَ منْ الصعبِ إقناعُ الشعوبِ التي ترى المذابحُ في قلبِ القطاعِ أنْ تؤمنَ أوْ تصدقُ بكلِ منْ ينادي بحقوقِ الإنسانِ واحترامٍ للمواثيقِ الدوليةِ التي تطبقُ بازدواجيةٍ في المعاييرِ ، وتتجاهلَ حقوقُ الإنسانِ الفلسطينيِ العربيِ في أرضهِ ، وسيطفوُ تعريف جديدٍ للإنسانِ أنهُ كلٌ منْ يدينُ باليهوديةِ ويعيشُ في قلبِ إسرائيلَ أوْ دولٍ أخرى منْ العالمِ ويمدُ يدهُ للصهيونيةِ العالميةِ ويعتبرها عونا لهُ وهوَ عونُ لها يدعمها وهيَ كفيلةٌ برعايتهِ أينما كانَ ، على الأقلِ هذا المعيارِ الذي تشهدهُ الشعوبُ اليومِ ، حتى وإنْ لمْ يوثقْ في اللوائحِ الدوليةِ ؛ فيكفي أنْ يطبقَ كما رأينا منْ انتصارِ لهُ أعقابُ 7 أكتوبرَ لطوفانِ الأقصى .
آملُ أنْ يفهمَ كلٌ عربيٌ أنَ هذهِ هيَ الحقيقةُ التي يجبُ الاعترافُ بها بعدما شهدناهُ منْ تجييشِ دولِ عظمى وكبرى تدعي صداقتها للعربِ وأنهمْ حلفاؤها ، إلا أنَ الواقعَ يقولُ إنها خذلتهمْ بأول الطريقِ بعدَ طوفانِ الأقصى الذي أوجعَ اليهودُ والصهاينةُ في إسرائيلَ وخارجها ، وأصبحتْ الحقيقةُ واضحةً ، لا تحتاجُ لشرحٍ أوْ بيانٍ .
وكفى باللهِ وكيلاً ، ،